• مقدمة لتحليل الحاجيات الإنسانية

    انّ سلوك الإنسان لا ينطلق من فراغ

    و لا يكون دون غاية يريد أن يصل إلى تحقيقها

    فماالذي يجعل شابا في مقتبل العمر يجازف بحياته و يركب المخاطر المختلفة ليصل إلى منطقة
    يتصوّر أنها توّفر له مستوى عيش أفضل

    و بعبارة أوضح ما الذي يجعل شخص يدوس على
    كرامته و على كرامة أسرته بالوقوف في الطريق العام أو أمام أبواب الجوامع ليطلب " متاع الله "


     ماهي الأسباب التي تدفع بالإنسان إلى السرقة و الخطف و النشل ؟

    ماهي الأسباب التي قد تدفع بشاب إلى الإنخراط في مجموعة أصدقاء و الّذوبان داخلها و الخضوع لكلّ
    أوامرها و قراراتها ؟

    لماذا قد يعمد البعض من الشبان إلى اغتصاب فتاة و الإعتداء الجنسي عليها؟


    و في كلمة لماذا يلجأ بعض الأفراد إلى ارتكاب العديد من الممنوعات و لتعريض أنفسهم إلى شّتى
    أنواع المخاطر ؟

    إنّ الإجابة عن كلّ هذه الأسئلة تحتمل العديد من التفسيرات

    لعلّ من بينها وجود حاجة ملحة
    جعلت بعض الأشخاص يسلكون الطريق التي يعتبرونها مؤدية إلى إشباع حاجاتهم.

    و لقد حدّد علماء النفس مفهوم الحاجة في مرحلة أولى و مفهوم الدافعية في مرحلة ثانية

    فالإنسان أو الحيوان الجائع مثلا يوجد كلّ منهما في وضعية حرمان توّلد لديه رغبة واجتهاد للبحث عن الطعام

    كما أنّمن يشعر بالعطش لا يمكن له أن يبقى يتلّذذ بهذه الوضعية وهو يعتقد أنّ استمرارها يهدّد حياته

    بل إّنه سيسلك الطريقة التي تجعله يحصل على الماء فيطفأ به عطشه و يستعيد توازنه.

    إنّ مختلف هذه الوضعيات المذكورة تدور حول موضوع الحاجة و الدافعية

    و علاقتهما بالسلوك الإنساني

    و مدى تطابقه مع ما وضعه المجتمع من قواعد و قيم الغاية منها صقل طرقإشباع الحاجات

    و التمييز بين الإنسان و الحيوان .

    و كذلك ما يتوّفر داخل المجتمع من هياكل
    و مؤسسات ذات طابع رعائي ووقائي تجعل الإنسان الذي يعيش وضعية فقر و حرمان في أي
    مجال من المجالات يجد الإمكانيات متاحة للتخفيف من حدّة الحاجة التي يشعر بها و ما قد يترتب
    عنها من أفعال أو أقوال تهدّد توازن المجتمع و استقراره

    و قد تأخذ شكل الإعتداء المباشر أو غير المباشر

    على ما يحمله من قيم و عادات و تقاليد 

    "تحليل الحاجيات الإنسانية
    الجزء النظري
    إعداد الأسعد العبيدي أستاذ الخدمة الإجتماعية
    بالمعهد الوطني للشغل والدراسات الإجتماعية"